مقالات مختارة

الثورة الإسلامية في جبهة المقاومة منذ عام 1979
10/02/2024

الثورة الإسلامية في جبهة المقاومة منذ عام 1979

صحيفة "جام جم"

مع انتصار الثورة الإسلامية كممثل لخطاب الإسلام الثوري، أصبحت قضية فلسطين ودعم حركات التحرر أحد المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

هذا النهج الأيديولوجي للثورة الإسلامية جعل إيران تتبوأ تدريجيًا موقع قيادة المقاومة من خلال كونها مصدر إلهام ونموذجًا يحتذى به بين فصائل المقاومة. في الواقع، الجمهورية الإسلامية في إيران، كظاهرة لها خصائصها الخاصة، تمكّنت من أن تكون نموذجًا يمنح الهوية لبقاء حركة المقاومة.

لقد أثرّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هندسة المقاومة في غرب آسيا بثلاث طرق، استنادًا إلى المبادئ والهياكل الأساسية للثورة، والتي تعتبر المقاومة ضدّ نظام الهيمنة (المحافظة الجديدة) أحد أهم ركائزها:    

أولًا، استنادًا إلى الأسس المادية للقوة، فهي عززت أسس المقاومة في لبنان، وبالطبع دعمت الحركات الإسلامية في المنطقة مثل حركة الجهاد الإسلامي وحماس.

ثانيًا، حاولت الجمهورية الإسلامية مأسسة النضال من خلال محاولة التحالف مع الحركات والمنظمات غير الحكومية.

ثالثًا، تم إضفاء الطابع المؤسسي على قيم المقاومة وأسسها العقائدية، بما في ذلك توسع قاعدة المقاومة، والوعي السياسي الذاتي، وشيوع ثقافة الاستشهاد وغيرها، بين مجتمعات غرب آسيا من خلال نمو فكر الحضارة الإسلامية والفكر الثوري مما ساهم في نشر الأبعاد الدلالية للمقاومة  الإسلامية، وهذا من أسس توليد القوّة.

ومن جهة أخرى، فإن التناقض بين جبهة المقاومة والاستقامة وجبهة الاستكبار من أهم المواجهات التي كانت موجودة، والحقيقة أن البذخ والتسلط وغيرها من أهم سمات جبهة الاستكبار العالمية التي تقودها أميركا المجرمة، وبما أن انتصار الثورة الإسلامية يعتبر من أهم الأحداث وأكثرها تأثيرًا في العصر المعاصر، فقد وفّر هذا الانتصار الأرضية للدول الإسلامية الأخرى في العالم لتحذو حذو الثورة الإسلامية، وفي هذا الصدد، فإن أحد أهم إنجازات الثورة الإسلامية هو تشكيل جبهة المقاومة الإسلامية، التي تلعب فيها إيران الإسلامية الدور المحور للمقاومة الإسلامية، كما قال آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي قرب مرقد الامام الخميني قدس سره عام ۱۹۹۸م عن مفهوم المقاومة والوقوف في وجه العدو: "معنى المقاومة أن يختار الإنسان الطريق الذي يراه أنه الطريق الصحيح، ويبدأ بالتحرك على هذا الطريق ولا يسمح للعوائق أن تمنعه من السير؛ هذا هو معنى المقاومة".

خطة المقاومة بعد الثورة

من أهم أهداف المقاومة والوقوف في وجه العدو، التوجّه نحو تكوين حضارة إسلامية جديدة، الدفاع عن الإسلام، وذلك من أبعاد مختلفة، خاصة في مجال الدفاع عن الحدود الدينية، الدفاع عن المسلمين، الدفاع عن المظلومين، الدفاع ضدّ هيمنة الأجانب وغزوهم، الدفاع عن الأراضي الإسلامية، الدفاع عن الحق والعدل، الدفاع عن المصالح الدولية للعالم الإسلامي، ضمان وتثبيت وحدة المسلمين وتقاربهم، ومأسسة المثل والقيم والأهداف الإسلامية وما إلى ذلك في المجتمع، وترسيخ الكرامة وقدرة وثقافة جمهورية إيران الإسلامية، ونمذجة وإلهام ثقافة الثورة الإسلامية على المستوى الإقليمي وخارج الإقليمي، وتنشيط الثقافة الإسلامية - الهوية الثقافية للمجتمعات الإسلامية، منع نفوذ الأعداء واختراقهم وغزوهم الثقافي، هزيمة العدوّ في كآفة المجالات وخاصة الحرب الناعمة، خلق الردع في المجال الثقافي، وقد أشار الإمام الخامنئي إلى أن نمط الحياة الغربية يعمل على تحييد الهوية الثقافية للمجتمعات الإسلامية، وهو يعتبر من أهداف ورغبات الأعداء.

تفكيك النفوذ الأميركي غير الشرعي

تواجه إيران اليوم تحديات المتغطرسين تمامًا كما كانت الحال في بداية الثورة، ولكن مع اختلاف كبير تمامًا، فإذا كان  التحدّي الذي واجهته في بدايات انتصار الثورة هو قطع أيدي العملاء أو إغلاق سفارة  النظام الصهيوني في طهران، أو فضح وكر التجسس، فإن التحدّي اليوم هو تفكيك النفوذ الأميركي غير الشرعي في منطقة غرب آسيا ودعم نضال المجاهدين الفلسطينيين في قلب الأراضي المحتلّة والدفاع عن راية حزب الله المرفوعة والمقاومة في كلّ هذه المنطقة، وإذا كانت مشكلة الغرب يومها هي منع إيران من شراء الأسلحة الأساسية، فاليوم مشكلته منع نقل الأسلحة المتقدمة الإيرانية لقوات المقاومة، وإذا كانت أميركا قد اعتقدت في ذلك الوقت أنها ستتمكّن من التغلب على النظام الإسلامي والأمة الإيرانية، فإنها تجد نفسها اليوم في حاجة إلى تحالف كبير مع عشرات الحكومات لتدميرها.

بفضل الثورة، أصبحت إيران الآن في مكانة مرموقة ولائقة في نظر العالم، وقد مرت بالعديد من العقبات والصعوبات في قضاياها الأساسية، خلال هذه السنوات من الصعود والهبوط، خاضت الثورة الإسلامية، بالنموذج المحلي، والآن بدأت الحرب في ميدان أصعب وأكثر تعقيدًا وأذكى من الحرب العسكرية.

وفي هذا الصدد، ومن أجل زيادة قدرتها، استخدمت جمهورية إيران الإسلامية استراتيجيتين لخلق توازن داخلي (القوّة الدفاعية، القوّة والاستقرار الاقتصاديين، الاستقرار الثقافي) وتوازن خارجي (تشكيل وتوسيع محور المقاومة) في عصر ما بعد الثورة الإسلامية.

القوّة الدفاعية

صعود إيران كقوة في مختلف القضايا مثل النووية والصاروخية والطائرات من دون طيار ونمو العلوم وما إلى ذلك في منطقة غرب آسيا وهي منطقة معقّدة تعاني من كثير من المشاكل المختلفة، يتحدى إلى  حد كبير القوى الغربية في مجالات متعددة في الشرق الأوسط ويجعل من إيران قوة إلا عظمى.

ولم تصبح الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحدها القوّة الصاروخية في العالم، بل أصبحت جماعات المقاومة مثل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي وأنصار الله اليمن أيضًا حلفاء لإيران، ولكلّ منهم قوة مستقلة أيضًا.

القوّة والاستقرار الاقتصاديان

في مجال الاقتصاد إن قوة الانتاج والتوزيع والاستهلاك والعمليات الاقتصادية من أهم عوامل القوّة التي تشكّل قوة واستقرارًا في مواجهة الضغوط الخارجية والمتطلبات الداخلية بحيث لا يمكن للمشاكل والأضرار الاقتصادية أن تؤثر سلبًا على السلطة والأمن الداخلي، وفي هذا الصدد يقول الإمام الخامنئي: "إذا تمكّنا من تعزيز الانتاج المحلي، سيتم حل مشكلة التضخم، سيتم حل مشكلة التوظيف؛ سوف يكتسب الاقتصاد المحلي قوة بالمعنى الحقيقي للكلمة، هذا هو المكان الذي سيشعر فيه العدوّ بالإحباط وخيبة الأمل بعد رؤية هذا الوضع".

المكونات الخارجية

تشكلت جبهة المقاومة الدولية بعيون الحاج قاسم سليماني، بحسب كلام الإمام الخامنئي، معتبرًا شهادة السيد حسن نصر الله بأن الحاج قاسم إنسان لا نظير له ولا يعوّض فصلًا مهمًا في فهم أهمية عمل سليماني في إحياء المقاومة، فالحاج قاسم مستفيدًا من تجارب سنوات الدفاع المقدس في سنوات الحرب المفروضة في إيران، جعل المقاومة قوية بالاعتماد على المرافق الداخلية لنفس الدول، لذا، ينبغي في هذا المجال الاهتمام بجبهة المقاومة باعتبارها رصيدًا ثقافيًا وكنزًا لا ينضب. وبطبيعة الحال، في هذا الجو، ينبغي تعزيز روح الشعب المناهضة للعدو وثقافة الوقوف والاستعداد لمواجهة العدوّ في المستقبل بطريقة خاصة.

الإمام الخمينيالثورة

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة