طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

الطفولة الممزقة في غزّة: المحتل السفّاك مرعوب.. والأرض ولّادة أهلها
16/05/2024

الطفولة الممزقة في غزّة: المحتل السفّاك مرعوب.. والأرض ولّادة أهلها

في أيار منذ ٢١ عامًا، خلال العدوان على غزّة، قَتَل الصهاينة الرضيعة إيمان حجو ذات البضعة أشهر. وفي آذار من العام ٢٠٠٨ أيضًا خلال العدوان على غزّة قَتَل الصهاينة في مخيم جباليا الطفلة سلسبيل أبو جلهوم ذات الأقل من عامين، والرضيعة أميرة أبو عصر ذات العشرين يومًا. أسماء رضّع وأطفال علقت في ذاكرتنا، وصورها حُفِظت في ذاكرة القلب والغضب، لا زلت أحفظ نشيد إيمان عروسة فلسطين من العام ٢٠٠١ ومن جُمَلِه:

شو حلوة البسمة بتمك
شفتي اللي اغتصبو أرضك
الجنة حلوة بتلبقلك
لِفّوها بعلم بلادي
إيمان عروسة فلسطين
زفوها.. زفوها بأحلى فرحة
مرقت إيمان شافت إمها
صرخت ماما بأعلى صوت
ماما عيوني لا تبكي
لا تبكي الجرح المفتوح
ولا تبكي الطفل المدبوح
ولا تبكي الدم المسفوح
جيبي يا ماما ولاد صغار
ماما: جيبيهم ثوار
لاتقولي عنهم أطفال
جمرة صغيرة بتشعل نار
حجر بلادي وشجر بلادي راح يحكي
وبصرخة الله أكبر راية صهيون راح تهوي
رح ترجع أرض الإسراء
بشرى من ربي الهادي
يا ماما يكفي أنين
لو دبحوا منا ملايين
نموت يا ماما
نموت وتحيا فلسطين

التاريخ لا يعيد نفسه، بل هذا هو تاريخهم، تاريخ بني صهيون، الذي بُني على بركان دمٍ طاهرٍ لأصحاب الأرض، وأجساد صغيرة طرية ضغطتها الأسقف والجدران. إيمان وسلسبيل وأميرة، لهن رفاق كثر من أعمارهن، رضع وأطفال وفتية، كانوا هدفًا لـ"إسرائيل"، لصواريخها وقذائفها ورصاصها. قصيدة إيمان حجو أصغر شهداء الانتفاضة الثانية التي استشهدت في أيار/مايو من العام 2001 تصلح كلماتها لكل طفلٍ استشهد قبلها وبعدها، استشهدت إيمان في خان يونس جنوب غزّة، وسلسبيل في مخيم جباليا شمال شرقي قطاع غزّة، وأميرة أيضًا في قطاع غزّة. واليوم، يحمل هذا القطاع الكثير الكثير من القصص التي تدمي القلب وتعصر الروح، لمن يملك الحس الإنساني ليحزن ويتعاطف ويتظاهر ويتضامن وينصر بالحبر والقول والمنزل والتهجير والدم. لطالما تعرض قطاع غزّة للاعتداءات الصهيونية والإمعان في القتل والإجرام دون حدود حتّى للمدنيين والأطفال.

 منذ العام 2000 وحتّى العام 2015 قتلت "إسرائيل" نحو 2000 طفل فلسطينيّ خلال 15 عامًا. في الفترة ما بين أيلول 2000 وشباط 2005، 700 طفل فلسطيني قتلوا على أيدي قوات الاحتلال ‏"الإسرائيلي" والمستوطنين. منذ ‏ذلك الوقت حتّى العام 2015 فإن 1296 طفلًا فلسطينيًا على الأقل قتلوا، من بينهم 551 طفلًا عام 2014 وحده، ‏غالبيتهم خلال الهجمات العسكرية "الإسرائيلية" على قطاع غزّة‎.

في عدوان "الجرف الصامد" وحده على غزّة صيف عام 2014 والذي استمر 50 يومًا استشهد 547 طفلًا في غزّة، نحوي 70 % منهم دون الـ12 عامًا. وفي عدوان "الرصاص المصبوب" على غزّة أواخر العام 2008 والذي استمر 22 يومًا استشهد أكثر من 350 طفلًا في غزّة. في عدوان "حارس الأسوار" على غزّة في أيار من العام 2021 وخلال 11 يومًا استشهد 65 طفلًا. أما في عدوان "الفجر الصادق" في آب من العام 2022 فخلال 3 أيام استشهد 15 طفلًا في غزّة. كلّ هذه الأرقام المهولة في غزّة وحدها، عدا عن شهداء الضفّة الغربية وغيرها من المناطق الفلسطينية.

أما منذ العدوان على غزّة في تشرين الثاني من العام الماضي 2023 حتّى اليوم، فقد فاق عدد الشهداء الأطفال الـ 15000 طفل، بمعدل 75 طفلًا في اليوم الواحد، استهدفتهم طائرات وصواريخ وقذائف العدوّ الصهيوني. وحتّى الأجنة في أرحام أمهاتها قُتلت في هذا العدوان، وحتّى الأجنة من قبل أن تصل إلى أرحام الأمهات! فقد قصفت "إسرائيل" أكبر مركزٍ للخصوبة في قطاع غزّة بقذيفة واحدة، ما أدى إلى القضاء على أكثر من 4000 من أجنة أطفال الأنابيب التي كانت الأمل لمئات الأزواج في فلسطين، فعلّقت حلمها بالأمومة والأبوة في مركز "البسمة"، لتقضي عليه "إسرائيل" بقذيفة واحدة.

هذا هو النمط الإجرامي لدى السياسة العسكرية الصهيونية، الإمعان في قتل الفتية والأطفال والرضع، حتّى الأجنة في بطون أمهاتها! وحلم أطفال الأنابيب من قبل أن يسكنوا الأرحام! تخاف "إسرائيل" من الأطفال، مثلما خافت من الفتيَين محمد الدرة وفارس عودة، ولها أن تخاف، بل عليها أن تخاف حتّى من الصغار الميتين. فإن كبر محمد الدرة وفارس عودة وغيرهما كانوا حتمًا سيصبحون المهندس يحيى عياش أو المثقف المشتبك باسل الأعرج أو المُطارِد والمُطارَد الشهيد ابن الشهيد أحمد نصر جرار أو الرامي من المسافة صفر عدي التميمي.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف